سبب نزول آية : يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك

 

المفتي عطية صقر

السؤال :قال الله تعالى : {يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك } ما هو الشىء الذى حرمه الرسول على نفسه ، وكيف يخالف أمر الله فيحرم ما أحله الله له ؟

الجواب :أصح ما ورد فى سبب نزول هذه الآية من أول سورة التحريم كما رواه مسلم ، أنه صلى الله عليه وسلم كان يشرب عسلا عند بعض نسائه – زينب بنت جحش أو حفصة بنت عمر-وكان يمكث عندها طويلا، فدبت الغيرة فى قلب بعض زوجاته ، وهن بشر ، كن يتمنين أن يمكث عندهن كما يمكث هناك ، لأن من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يطوف عليهن جميعا كل يوم ، يسأل عنهن ويقضى حاجاتهن ، ثم يبيت عند صاحبة النوبة ، فقال بعض الزوجات : إذا وصل النبى إلينا نقول له : إن فى فمك رائحة كريهة وهو يكره الرائحة الكريهة فقلن له ذلك ، وذكر أنه من الطعام الذى أكله ، فقال “أكلت عسلا” فقلن : لعل نحله قد جنت العُزفُط ، يعنى امتص زهر شجر العرفط وهو ذو رائحة كريهة .

ومن هنا حلف الرسول ألا يأكله مرة أخرى ، وبالفعل عندما زار من عندها عسل رفض أن يأكل منه ، وقد أطلع الله نبيه على ما فعلته أزواجه ، – زوجاته – وبيَّن له المخرج من يمينه ، وهو كفارة بعتق رقبة أو أطعام عشر مساكين أو كسوتهم على ما جاء في سورة المائدة .

وقد نزلت هذه الآية عتابا رقيقا من اللّه لنبيه فى أنه كان فى الذروة من حسن معاشرة أزواجه ، لدرجة أنه امتنع عما أحله الله له لإدخال السرور على قلوبهن وبين له أن سمو الخلق لا يصل إلى الدرجة التي يتعب فيها نفسه ويحرمها من الحلال الطيب الذى يحبه ، فالامتناع عن أكل شىء إرضاء لمن يحبه ليس تحريما شرعيا لشيء أحله اللّه وليس معصية، بل هو تصرف شخص فى معاملة أزواجه ، كما امتنع عن أكل الثوم والبصل وهما مباحان ، لأن وضعه من لقاء الملائكة وغيره ليس كوضع سائر الناس ، وقد امتنع من قبله سيدنا يعقوب عن لحوم الإبل وألبانها لأمر يخصه ، ولم يعاتبه الله على ذلك كما قال سبحانه {كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة } آل عمران : 93 .

والسبب المذكور لنزول الآية أصح من رواية الدارقطنى أنه امتنع عن مارية إرضاء لحفصة عندما اختلى بها فى بيتها “راجع تفسير القرطبى لهذه الآية”




close