مشروعية الأضحية وحكمها ووقتها وكيف اختار النبي أضحيته

 

قال تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج: 32].

حكم مشروعية الأضحية
شكر الله تعالى على نعمة الحياة.
إحياء سنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز اسمه بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام في يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد- كانا سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما في الصبر على طاعة الله، وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها.

أن في ذلك وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجار والضيف، والتصدق على الفقير، وهذه كلها مظاهر للفرح والسرور بما أنعم الله به على الإنسان، وهذا تحدث بنعمة الله تعالى، كما قال عز اسمه: وأما بنعمة ربك فحدث [الضحى: 11].
أن في الإراقة مبالغة في تصديق ما أخبر به الله عز وجل؛ من أنه خلق الأنعام لنفع الإنسان، وأذن في ذبحها ونحرها؛ لتكون طعاما له.

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء رواه البخاري ومسلم

:عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:  ‏كان رسول الله ﷺ يضحي بكبش أقرن فحيل ، ينظر في سواد ، ويأكل في سواد ، ويمشي في سواد

المصدر : صحيح أبي داود

وعن عائشة أم المؤمنين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة، هلمي المدية، ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت: ثم أخذها، وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله، اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحى به.

المصدر : صحيح مسلم

شرح الحديث :

أن تضحيته صلى الله عليه وسلم عن أمته وعن أهله؛ تجزئ عن كل من لم يضح، سواء كان متمكنا من الأضحية أو غير متمكن
هذا الحديثِ في بيانِ هَديِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي هو تَطبيقٌ عَمليٌّ لِمَا أَمَرَ به مِنَ الرِّفقِ بالحيوانِ والإحسانِ في ما يُذْبَحُ.
ففيه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُضحِّي، وكان يَذبَحُ بنَفْسِه، وكان يُضَحِّي بالغَنَمِ، فَقدْ أَمَرَ بِكَبْشٍ، وهُوَ الذَّكَرُ منَ الضَّأنِ، أَقْرَنَ، أي: له قَرنانِ، يَطأُ في سوادٍ، أي: إنَّ قَوائمَه لَونُها أَسودُ وكَذلكَ البطنُ، وهُو مَعنى قَولِه: ويَبرُكُ في سَوادٍ، وقَولُه: يَنظُرُ في سَوادٍ، أي: عَينُه وما حَولَها لَونُه أَسودُ كذلك، فأُتِيَ به، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعائشَةَ: هَلُمِّي المُديةَ. أي: هَاتي المُديَةَ، وهي السِّكِّينُ الَّتي سوف يَذبَحُ بها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الكَبْشَ، فلمَّا أَتَتْهُ بها قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، أي: حَدِّدِيها؛ وذَلكَ لِيكونَ أَرْفَقَ بالكَبْشِ عندَ ذَبحِه، وفيه أنَّ شَحْذَ السِّكِّينِ يَكونُ قَبْلَ إِضجاعِ الحَيوانِ للذَّبحِ، وهذا مِنَ الرِّفقِ به أيضًا، ثُمَّ أَخذَها، أيِ: السِّكِّينَ، وأخَذَ الكَبشَ فأَضْجَعَه، أي: أَراحَه بالأرضِ، وهَذا منَ الرِّفقِ به أيضًا، ثُمَّ ذَبحَه، ثُمَّ قال: بِسمِ اللهِ. وهذا الكَلامُ فيه تَقديمٌ وتَأخيرٌ، أي: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَضجَعَ الكَبْشَ ثُمَّ ذَبحَه قائلًا: بِسمِ اللهِ.
وقَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (اللَّهمَّ تَقَبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ ومِن أُمَّةِ مُحمَّدٍ) دُعاءٌ بقَبولِ العَملِ مِنه ومِن آلِه ومِن أُمَّتِه.




close