صورة آدم
المفتي عطية صقر
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل من الحديث ما يقال : ان الله خلق آدم على صورته ؟
الجواب
روى البخاري فى كتاب الاستئذان ومسلم فى بيان صفة الجنة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله خلق آدم على صورته ” وفى رواية مسلم ” خلق الله آدم على صورته ، طوله ستون فراعا . ” وفى اخرها ” فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، وطوله ستون ذراعا ، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الان “ج 17 ص 178
والضمير فى قوله “صورته ” يصح أن يكون راجعا إلى الله تعالى، أى خلقه على صفة الله من الحياة والعلم والسمع والبصر وغيرها، أو يكون راجعا إلى ادم ، أى أن الله أوجده على هذه الصورة والهيئة التى خلقه عليها ، لم تنتقل فى النشأة أحوالا ، ولا تردد فى الأرحام أطوارا كذريته ، بل خلقه رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح
وهذا التفسير يرد على الطبيعيين والماديين أصحاب مذهب النشوء والارتقاء ، الذين يزعمون أن آدم أصله قرد تطور حتى صار بهذا الشكل ، وإذا كانت هناك غرابة فى طوله وهو ستون ذراعا كما رواه البخاري ومسلم ، فإن أثر البيئة على طول الأجسام وقصرها معروف فى كثير من المناطق فى العالم كله ، والمسافة بين خلق آدم وبعثه الرسول فوق ما نقل عن الأخباريين من أهل الكتاب الذين قالوا : إن عمر الدنيا سبعة الاف سنة
على أن للذراع معايير مختلفة، فقدر بقبضة النصل أو السيف أو الرمح أو القناة ، وقدره البعض بخمسة سنتيمترات ، فيكون طول آدم ثلاثة أمتار، وهو معقول .
يقول الإمام الغزالى فى كتابه ” الإملاء على إشكالات الإحياء ” المطبوع على هامش الإحياءج 1 ص 168 حي تعليقا على هذا الحديث :
للعلماء فيه وجهان ، فمنهم من يرى للحديث سببا، وهو أن رجلا ضرب غلامه ، فراه النبى صلى الله عليه وسلم فنهاه وقال ” إن الله تعالى خلق آدم على صورته ” وتأولوا عود الضمير على المضروب
والوجه الآخر أن يكون الضمير الذى فى ” صورته ” عائدا إلى الله سبحانه
ويكون معنى الحديث أن الله خلق آدم على صورة هى إلى الله سبحانه
وهذا العبد المضروب على صوره آدم ، فإذا هذا العبد المضروب على الصورة المضافة إلى الله تعالى
وقال الإمام إبن باز عن الحديث أنه حديث صحيح ومعنى خلق آدم على صورته أي: سميعًا، بصيرًا، يتكلَّم، ذا عينٍ، وذا يدٍ، وذا قدمٍ، وليس معناه المُشابهة، فإنَّ الله لا يُشبهه شيء: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، لكن معناه: خلقه الله على صورته: سميعًا، بصيرًا، له وجهٌ، وله يدٌ، وله قدمٌ، يعلم، ويسمع، ويُبْصِر، هكذا قال أهلُ السنة: كأحمد وإسحاق وغيرهم رحمة الله عليهم