هل حديث منع الكلاب الملائكة من دخول البيت من الإسرائيليات؟

 

 

السؤال : هل حديث منع الكلاب الملائكة من دخول البيت من الإسرائيليات ؟
الكلب من أوفى الحيوانات، وكان مصاحبًا لأصحاب الكهف، وذُكر في القرآن الكريم، فكيف يُقال إنه يمنع دخول الملائكةِ البيت؛ فلابد أن هذا الحديثَ من الإسرائيلياتِ المكذوبة.

الجواب: مجمع البحوث الإسلامية .. الأزهر الشريف
أولًا: حديث «لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ…» حديث صحيح متفق عليه، ورد في أصح الكتب الحديثية، ولا غبار عليه؛ فقد أخرجه الشيخان في صحيحيهما -صحيح البخاري (3225)، صحيح مسلم (2104) بسندهما، واللفظ للبخاري- عن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:»لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ».
ثانيًا: الحديثُ يخبر عن عدم دخول الملائكة بيتًا فيه كلب أو صورة؛ وعلى حسَبِ قدراتنا المحدودة، وإدراكاتنا المتناهية، لا يمكننا الاطلاعُ على الملائكة لنرى هل فعلًا يدخلون البيت الذي فيه كلبٌ أم لا؟!
فالحديث من باب الإخبار بغيب لا نعلمه؛ وعليه فلا مدخل للعقل في نفيه، وقياس الغائب على الشاهد قياس باطل كما هو معلوم، وطالما ثبت سندُه وكان في دائرة الممكن العقلي وجب علينا التصديقُ به لصدُوره ممن يستحيل كذبُهُ.
ثالثًا: الكلب كما ذُكِر في القرآن الكريم بصحبة أهل الكهف في موطن المدح؛ فقد ذُكر أيضًا في موضعٍ لوصف مذموم، قال الله عزوجل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:175-176].
فلا تقتصر صفاتُ الكلب على الوفاءِ فقط.
رابعًا: قال الإمام ابن حجر رحمه الله عند شرح هذا الحديث في فتح الباري (10/ 381):
(وَذَهَبَ الْخَطَّابِيُّ وَطَائِفَةٌ إِلَى اسْتِثْنَاءِ الْكِلَابِ الَّتِي أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهَا وَهِيَ كِلَابُ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ). وعلى هذا القول لا يَرِد ما ذكره صاحب الشبهة.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.




close