ما حكم من على علاقة بإمرأة متزوجة

السؤال : ما حكم لو امرأة متزوجة حبت واحد غير زوجها والواحد ده فكر أن ده حرام ما الحكم الصحيح ؟
الجواب :

عجيبٌ أمر النفس البشرية التي تستحلُّ ما ثَبَتَ تحريمُهُ بالضرورة العقلية، والفطرةِ الإلهية
وأظنُّك تعلمُ حكمَ فعلتِك، وأنها تَحِيكُ في صدرك، وأنك تَخشَى أن يكون جزاؤك من جنس عملِك؛ لأن حُرْمَة العَلاقة الآثمة مع المرأة الأجنبية وأنها من أخطر الذنوب، ومع المتزوِّجة من الكبائر مما فُطِرَ الإنسانُ عليه، ويَقضِي العقلُ بقبحِه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس منَّا مَن خَبَّب امرأة على زوجِها” [رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وقال: “صحيح على شرط البخاري”، ووافقه الذهبي]. والتخبيبُ معناه: الإفساد، وهو إفسادُ الرجلِ زوجةَ غَيرِه عليه، وهو من الكبائر؛ كما حقَّقه الهيتمي في كتاب “الزواجر”، وهو من فعل السحرةِ، ومن أعظم فعل الشياطين؛ ففي الصحيح: “إن إبليسَ يَضَعُ عرشَه على الماءِ، ثم يَبْعَثُ سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمُهم فتنةً، يَجِيء أحدُهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقت بينه وبين امرأتِه، قال: فيُدْنِيه منه، ويقول: نِعْمَ أنت”، قال الأعمش: أراه قال: “فيلتزمه”، وهو أيضًا من الغدر وعدم الحفظ لأعراض المسلمين، وشأن المسلم حفظُ أعراض إخوانه المسلمين لا هتكُها؛ وأن يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه، ويكره لأخيه ما يكره لنفسه، ولذلك كان الجزاء الفضيحة على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ فروى مسلمٌ عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عند استِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ”.
وكفى بهذا الوعيدِ زاجرًا عن الإقدام على تلك الأفعال المشينة، التي حَمَلَ عليها طغيانُ الشهوة، وإهدارُ حقوق المسلم على أخيه، وإفسادُ ذات البَيْن، والإسلامُ صانَ العَلَاقات بين الأفراد، وحدَّها بحُدُودٍ تلائم النفسَ البشرية؛ فَحَرَّمَ العَلَاقَةَ بين الرجال والنساء، إلا في ظلِّ زواجٍ شرعيٍّ، فلا يصح أن يُخاطِبَ الرجلُ المرأة، ولا المرأةُ الرجل إلا لحاجة، وإن كانت ثَمَّ حاجةٌ داعيةٌ إلى الخطاب بينهما فليكن ذلك في حدود الأدب والأخلاق؛ قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، وقال تعالى: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].
فَتُبْ إلى الله تعالى توبةً صادقةً نصوحًا؛ واندمْ على ما فعلتَ، واقلعْ عن هذا الذنب المشين، واعزمْ على عدم العَوْدِ، واكثِرْ من الدعاء والاستغفار؛ قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [التحريم: 7]، وَسُدَّ على نفسِك أبواب الشيطان، بالبعد عن كل ما مِن شأنه أن يقرِّبك من تلك المرأة؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21]، واخشَ على نفسِك أن تُجازَى بجنسِ صنيعك إن لم تتبْ إلى الله تعالى، فعادةُ الله في خلقِه أن الجزاء من جنسِ العمل، والحذرَ الحذرَ أن تَرَى ما تكرهُ في زوجتِك ومحارمك، قال بعض السلف: “نظرتُ إلى امرأةٍ، فَنَظَرَ رجلٌ إلى امرأتي نظرةً أَكْرَهُهَا”! وقال الفُضَيل بن عِيَاض: “إني لأعصي الله فَأَجِدُ شُؤْمَ معصيتي في خُلُقِ دابتي وزوجتي”، وفي الحديث المرسَل الذي أخرجه عبدالرزاق – ورجالُهُ ثقاتٌ -: “كما تَدِينُ تُدَانُ”.
ومن أفضل ما يُعِينك على التوبة: تقويةُ الشعورِ بمراقبةِ الله لك، وأن تَسْتَحْيي من نظر الله إليك وأنتَ على تلك الحال؛ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]، وقال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40]، وقال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36].
– طريق الإسلام




close