حكمة تحريم لحم الخنزير

حكمة تحريم لحم الخنزير
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما هى الحكمة فى تحريم لحم الخنزير؟ ويقول البعض : إنه إذا تغذى غذاء نظيفا فإن لحمه يكون صحيًّا أو خاليا من الأمراض ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب
جاء فى التعليق على ” المنتخب فى تفسير القراَن الكريم ” الذى نشره المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية”ص 145 “عند تفسير قوله تعالى{ حرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} المائدة : 3 ، فى بيان الحكمة فى تحريم أكل لحم الخنزير أنه معرض للإصابة بعدد كبير من الطفيليات التى تصيب الإنسان ، وأهمها :
1 – الحيوان الأولى الهَدبى المسمى”الأنتديوم كولاى ” المسبب للزحار ومصدره الوحيد للإنسان هو الخنزير، ويكاد يكون مرضا مهنيا لا يصيب سوى المشتغلين بتربية الخنزير وذبحه وبيع لحمه .
2 – الوشائع الكبدية والمعوية فى الشرق الأقصى ، وخاصة وشيعة الأمعاء الكبيرة “فاسيلوبس بوسكاى” الواسعة الانتشار فى الصين ، ووشائع الأمعاء الصغيرة التى تصيب الإنسان فى البنغال وبورما وآسام ، ووشيعة الكبد الصينية “كاورنوكس سينتسز” المنشرة فى الصين واليابان وكوريا على الخصوص ، ويعتبر الخنزير العائل الخازن الرئيسى لهذه الطفيليات ، وخاصة الديدان الأولى التى تنطلق فيه لتقضى دوره حياتها فى عوائلها الأخرى حتى تصيب الإنسان ، ومن ثم فمقاومتها فى الإنسان وحده لا تكفى .
3 – دودة لحم الخنزير الشريطية “تيناسوليوم ” والدورة الطبيعية لها أن تنتقل بويضاتها من الإنسان إلى الخنزير، حيث تكون أجنتها ديدانا مثانية فى لحمه ، ثم تنتقل إلى آكل هذا اللحم فتنمو الدودة الشريطية البالغة فى أمعائه وهكذا ، وهذه إصابة غير خطيرة فى المعتاد وتشبه فى ذلك دودة لحم البقر الشريطية “تنياسا جيناتا” ولكن دودة لحم الخنزير تنفرد دون دودة لحم البقر بخصائص تؤهلها لانعكاس هذه الدودة انعكاسا جزئيا .
أما ابتلاع الإنسان للبويضات بيده الملوثة ، أو مع طعامه الملوث أو بارتداد قطع الدودة المثقلة بالبيض أو البيض نفسه من الأمعاء إلى المعدة، حيث يفقس البيض وتنتشر اليرقات فى عضلات المصاب ، مسببة أعراضا شديدة ، كثيرا ما تكون قاتلة إذا ما أصابت المخ أو النخاع الشوكى أو القلب أو غيرها من الأعضاء الرئيسية ، والإصابة بهذه الدودة ومضاعفاتها الخطيرة لا تكاد تعرف فى البلاد الإسلامية ، حيث يحرم أكل لحم الخنزير .
4 – الدودة الشعرية الحلزونية “تريكتيلا سبيرالس ” وأعراضها الخطيرة مترتبة على انتشار يرقاتها فى عضلات الجسم ، وأعراض الإصابة بها شديدة متنوعة ، منها اضطرابات معوية وآلام روماتيزمية وصعوبة التنفس والتهاب المخ والنخاع الشوكى والأمراض العصبية والعقلية المترتبة على ذلك التسمم ، وفى الإصابات القاتلة تحدث الوفاة بين الأسبوعين الرابع والسادس فى معظم الأحوال .
والخنزير هو المصدر الوحيد لإصابة الإنسان بهذا المرض الوبيل إلا فى المناطق القطبية الشمالية ، ومواطن المرض هى أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية والمحاولات المضنية لتجنب هذا البلاء بتربية الخنازير بطريقة صحية وفحص ذبائحها ومعالجة لحومها بوسائل باهظة التكاليف غير مجدية من الناحية العملية ، ويكفى فى الدلالة على ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية بها ثلاثة أمثال عدد الإصابات فى العالم أجمع ، وأن متوسط نسبة الإصابة فى ولاياتها المتخلفة هو 16 % مع الوثوق بأن هذا الرقم أقل من الحقيقة كثيرا ، وأن نسبة إصابة الخنزير به بين 5% ، و27 % .
ويزاد على هذا كله أن دهن الخنزير مختلف تماما فى درجة تشبعه عن الزيوت والدهون الحيوانية الأخرى فصلاحيته للغذاء موضع شك كبير، وينصح الأستاذ “رام ” عالم الكيمياء الحيوية الدانمركى الحاصل على جائزة نوبل ، بعدم المداومة على تناوله ، حيث ثبت بالتجربة أنه من أهم ما يسبب حصى المرارة وتصلب الشرايين وبعض أمراض القلب الأخرى .
هذا ما قاله أهل الذكر فى ضرر الأكل من لحم الخنزير، ومن هنا نطمئن كل الاطمئان إلى حكمة الله سبحانه فى تحريم أكله ، وهكذا تكشف العلوم عن أسرار التشريع




close