عندما رأي الرسول صلي الله عليه وسلم جبريل عليه السلام لأول مره
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام على صورته التي خلقه الله عليها مرتين اثنتين فقط
الرؤية الأولى : كانت في الأرض في بداية الوحي ، ونزلت عليه بعدها سورة المدثر .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ – أي انقطاع – الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : (فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ ، فَقُلْتُ : زَمِّلُونِي ، زَمِّلُونِي ، فَدَثَّرُونِي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ – إلى – والرجز فَاهْجُر) رواه البخاري (4641) ومسلم (161) .
وهذه الرؤية هي التي قال الله سبحانه وتعالى فيها : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ) التكوير/23 .
شاهد هذا الوصف والإحساس للشيخ بدر المشاري
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
“يعني : ولقد رأى محمدٌ جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح ، (بِالأفُقِ الْمُبِينِ) أي : البين ، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء (موضع بمكة) ، وهي المذكورة في قوله : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إَلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) النجم/5 –10 ، كما تقدم تفسيرُ ذلك وتقريره ، والدليلُ أن المرادَ بذلك جبريل عليه السلام .
والظاهر- والله أعلم – أن هذه السورة – يعني سورة التكوير – نزلت قبل ليلة الإسراء ؛ لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية ، وهي الأولى .
وأما الثانية وهي المذكورة في قوله : ( وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ) النجم: 13 -16، فتلك إنما ذكرت في سورة ” النجم ” ، وقد نزلت بعد سورة الإسراء ” انتهى .
” تفسير القرآن العظيم ” (8/339) .
والرؤية الثانية : كانت في السماء ، ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى .
وقد نصت الآية في سورة النجم على الرؤية الثانية ، وأشارت إلى الرؤية الأولى ، وذلك في قوله سبحانه وتعالى : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى . عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) النجم/13-14.
قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : رأى جبريل له ستمائة جناح .
رواه البخاري (3232) ومسلم (174) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
“هذه الرؤية – يعني الأولى – لجبريل ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الأرض ، فهبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه ، فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها ، له ستمائة جناح .
ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، يعني ليلة الإسراء” انتهى .
ولم يثبت وقوع رؤية ثالثة حقيقية لجبريل عليه السلام ، وقد قالت عائشة رضي الله عنها :
( وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ ) رواه البخاري (4855) ، وهو عند الإمام مسلم (177) من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ) .
والله أعلم .