أشهر الحج

السؤال : ما هى الحكمة من أن أشهر الحج ثلاثة أشهر مع أن كل مناسك الحج تجتمع فى أيام ذى الحجة ؟

الجواب :
قال صاحب المنار في تفسير قوله تعالى:” الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج ٠٠٠” إن الوقت الذي يؤدى فيه الحج أشهر يعلمها الناس، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، ولا يلزم أن يكون من أول يوم منها إلى آخر يوم، بل معناه أنه يصح الإحرام به من غرة أولها وتنتهي أركانه وواجباته في أثناء آخرها، فالوقوف في التاسع من ذي الحجة وبقية المناسك في أيام العيد وهي يوم النحر، الذي فسر به قوله تعالى: (… يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ …)، «سورة التوبة: الآية 3»، وأيام التشريق، وجوز بعض السلف تأخير طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة، وقوله «معلومات» إقرار لما كان عليه العرب في الجاهلية من أشهر الحج، لأنه منقول بالتواتر العملي من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام وهو يتضمن بطلان النسيء فيها، لأنه جاهلي معروف. وقد استدل بالآية على أنه لا يجوز الإحرام بالحج في غير هذه الأشهر، لأنه شروع في العبادة في غير وقتها كمن يصلي قبل دخول الوقت، فالآية ظاهرة في أن الحج لا يكون إلا في هذه الأشهر، ولما كان أعظم أركانه – وهو الوقوف بعرفة – يكون في التاسع من الشهر الثالث علم أن الحج لا يتكرر فيها، فمن أحرم بالحج بعد هذا اليوم فلا حج له. فمن فرض فيهن الحج، أوجبه وألزمه نفسه بالشروع فلا رفث ولا فسوق ولا جدال بالخروج عن حدود الشرع بأي فعل محظور، وخصه بعضهم بالسباب والتنابز بالألقاب، والجدال وهو المراء بالقول، وهو يكثر عادة بين الرفقة والخدم في السفر، لأن مشقته تضيق الأخلاق، والنكتة في منع هذه الأشياء على أنها آداب لسانية، تعظيم شأن الحرم وتغليظ أمر الإثم فيه، إذ الأعمال تختلف باختلاف الزمان والمكان. ثم قال تعالى بعد النهي عن هذه المحظورات (… وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ …)، «سورة البقرة: الآية 197»، وفيه التفات إلى الخطاب ويشعر العطف بمحذوف تقديره أن اتركوا هذه الأمور الممنوعة في الحج لتخلية نفوسكم وتصفيتها، فإن النفوس بعد ذلك تكون أشد استعدادا للاتصاف بالخير، والله لا يضيع عليكم أقل شيء منه، لأنه عالم به وبأنكم وافقتم فيه سنته وشريعته. فخلاصة القول أن الله جعل للحج أشهرا توسعة على الناس كما جعل للصلاة وقتا موسعا فالاحرام بالحج يبدأ بأول شوال بل الجمهور يجوزون الإحرام بالحج قبل شوال ثم ياتي يوم عرفة ثم طواف الإفاضة في يوم النحر ثم الرمي ومن العلماء من قال طواف الإفاضة يؤدى إلى آخر ذي الحجة هذا والله تعالى أعلم




close