إكراه الأم لابنها على تطليق زوجته

 

ما حكم طلب الأم من ابنها تطليق زوجته وزواجه من أخرى من اختيارها لكرهها لزوجته، علما بأن الزوج لا يرغب فى ذلك، فهل يعتبر عاقا لوالدته إذا رفض طلبها؟
أجاب الدكتور حلمى عبد الرءوف، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قائلا: طاعة الوالدين وشكرهما واجب، فليس لأحد فضل على الإنسان بعد الله ـ عز وجل إلا الوالدين، قال الله تعالى «أن اشكر لى ولوالديك»، وقال: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا»، فنجد الله ـ جلت قدرته ـ قد أمرنا بشكر الوالدين بعد شكره مباشرة، كما أمرنا بالإحسان إلى الوالدين بعد الأمر بعبادته مباشرة، وذلك لما لهما من فضل كبير على الأبناء. لذا فحينما يقبل الشاب أو الفتاة على الزواج فالأولى، ومن باب البر أيضا، أن يحرص على أن يكون هناك رضا من والديه من البداية عن هذا الشريك، فهذا أدعى للتوفيق والبركة فيما بعد، فضلا عن الاستفادة بخبرة الكبار فى الإقدام على الزواج واختيار نسب جديد، فلا شك أن الوالدين أشد الناس حبا لأبنائهما ورغبة فى إسعادهما، وكثيرا ما يرون بخبرتهم وحكمتهم ما لا يرى الصغار. ومن ثم إذا ارتأيا أن هذا الاختيار ليس مناسبا واعترضا عليه، فالأولى العزوف عنه، وإن لم يكن كذلك، ما دام الأمر لا يزال قيد الترشيح والاختيار أما بعد إتمام الزواج كما هو حال السؤال، فالأمر يختلف، فإذا طلبت الأم من ابنها طلاق امرأته لتزوجه من أخرى باختيارها؛ فإن هذه الزوجة إذا كانت مطيعة لزوجها وتحافظ على حقوق الله وأمينة على زوجها وأولادها، فعلى الابن أن يبقى على زوجته ولا يستجيب لأمه، وليس ذلك من العقوق فى شىء، لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق. وتطليق المرأة من دون ذنب منها وعلى غير رغبة من زوجها (إثم ومعصية)، مع مراعاة أن يتم ذلك دون تجاوز مع الأم أو إغضابها، أو هجرها، لكن بلين ورفق ودوام البر بها، قال تعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا»، مع عدم اليأس من إقناع الأم عن طريق تودد الزوجة إليها والإحسان إليها دائما وإن أعرضت الأم، عسى الله أن يغير قلبها من الرفض إلى القبول، والله على كل شىء قدير.
وهنا نود أن نشير إلى أنه ليس من حق أحد أن يستدل بحديث عبدالله بن عمر ـ رضى الله عنهما حين طلب منه والده أن يطلق امرأته، وقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أطع أباك وطلق امرأتك؛ لأن كل الناس ليسوا مثل سيدنا عمر، فعمر الذى كان الوحى يؤيده دائما، لا يقاس عليه. كما ننصح الأم بأن تقدر مشاعر ابنها وألا تفسد عليه حياته، ما دام الله قدر له ذلك، فلا أحد يدرى أين يكمن الخير، سوى الله عز وجل.




close