هل يجوز مقاطعة الجيران بسبب سـ ـوء سلـ ـوكهم

 

أسكن في منطقة شعبية، وأعاني سوء سلوك الجيران وتصرفاتهم، ما بين الأصوات المرتفعة الصادرة عن أجهزة التليفزيون، والضجيج الذي يحدثه الصغار، إلى إلقاء المخلفات على السلم، وغير ذلك من التصرفات المسيئة، وقد نبهتهم كثيرًا إلى التوقف عن هذه التصرفات دون جدوى وأفكر في مقاطعتهم وعدم التعامل معهم، فهل هذا جائز؟.

يجيب الدكتور محمد قاسم المنسى، أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم، قائلا: مقاطعة الجار السيئ ليست هى الحل، وإنما الحل في التفاهم والتقارب والصبر على الأذى والاستمرار في النصح بالطريق المباشر وغير المباشر، حيث اهتم القرآن الكريم بحقوق الجيران اهتمامًا عظيمًا، حتى إنه وضع حقوق الجار في المنزلة نفسها مع حقوق الله وحقوق الوالدين وحقوق ذوي القربى، بل أنشأ ما عرف أخيرا بـ «مبدأ حسن الجوار» بين الأفراد والدول، فقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا). كذلك اهتمت السنة النبوية بحق الجار، حيث قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» ومن ذلك كله نستخلص أن المطلب ربما ليس مجرد معاملة الجار وإنما الإحسان إليه ورعاية كل شئونه كأنه أحد أفراد الأسرة، أو حسب تعبير الرسول ظننت أنه سيورثه، ولقد سئل رسول الله عن امرأة تصوم وتصلى ولكنها تؤذي جيرانها فقال: هى في النار .
والمقاطعة لن تحل المسألة، بل ربما تزيد المتاعب بسبب العناد والمكابرة، وإنما الاستمرار في نصح الجيران، يدفعهم إلى مراجعة أنفسهم والامتناع عن تصرفاتهم المؤذية، مع الصبر على ذلك واستخدام الأساليب التي تقبلها النفوس، فالأسلوب الهادئ الرفيق والرقيق هو الذي يحقق نتائج أفضل من المقاطعة أو العنف في الكلام .




close