يصلي بعضهم بعد صلاة المغرب صلاة نافلة تسمى بصلاة الأوابين، يصليها بعضهم ركعتين، وبعضهم ست ركعات، وبعض آخر عشرين ركعة، فيا ترى ما صحة هذه الصلاة؟
ثم هل هي صلاة الضحى للحديث الذي يتردد على ألسن الناس «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال»؟
ولماذا سميت بصلاة الأوابين أو لماذا سميت صلاة الأوابين بصلاة الغفلة أو بصلاة الأبرار؟
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: «صلاة الأوابين هي صلاة الضحى، لأنها تصلى إذا اشتد الضحى، لذلك قال عليه الصلاة والسلام «صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال» (رواه مسلم) وقال النووي في شرحه ج٦ ص ٣٠ «الرمضاء الرمل الذي اشتدت حرارته بالشمس، والفصال أولاد الإبل».
إذن فإن وقت صلاة الأوابين هو وقت صلاة الضحى، يعني عند علو النهار قبل الزوال بساعة أو ساعتين.
أما إطلاق اسم صلاة الأوابين على ما يصلى بين المغرب والعشاء من النوافل، فالحديث فيه ضعيف، وإن كان من المستحب أن يكثر المؤمن من صلاة النافلة في الوقت ما بين المغرب والعشاء.
ومن الأحاديث التي وردت في فضل صلاة النافلة بعد المغرب حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم رفعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى، وهي خير من قيام نصف ليلة». (قال الشوكاني: أخرجه الديلمي في مسند الفردوس وقال العراقي: في إسناده جهالة).
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء، عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة» (رواه الترمذي وابن ماجة) وقال الترمذي: حديث غريب.
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول «من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غفر له بها ذنب خمسين سنة» (رواه المروزي في قيام الليل) وقال الذهبي عنه في الميزان: قال أبوزرعة هو منكر الحديث أو قال اضربوا على هذا الحديث فإنه شبه موضوع.
يقول الألباني: أعلم أن كل ما جاء من الأحاديث في الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء لا يصح، وإنما صحت الصلاة في هذا الوقت من فعله صلى الله عليه وسلم من دون تعيين عدد.
أجل.. الإكثار من النوافل بين المغرب والعشاء عمل مشروع، لكن من غير تحديد عدد معين من الركعات، وتسميتها بصلاة الأوابين تسمية غير صحيحة، لأنها تستند إلى أحاديث مثل عن محمد بن المنكدر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم «من صلى ما بين صلاة المغرب إلى صلاة العشاء فإنها صلاة الأوابين» (أخرجه ابن المبارك في الزهد) وقال عنه الألباني ضعيف.
كما أن تسميتها بصلاة الغفلة تسمية واهية أيضاً لاستنادها إلى حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال «من عقب ما بين المغرب والعشاء بني له في الجنة قصران ما بينهما من مسيرة مئة عام، فيهما من الشجر ما لو يراهما أهل المشرق وأهل المغرب لأوحلهم أي لأوسعهم فاكهة، وهي صلاة الأوابين وهي غفلة الغافلين، وإن من الدعاء المستجاب الدعاء الذي لا يرد بين المغرب والعشاء (أخرجه السهمي في تاريخ جرجان، وقال أبو حاتم عنه بأنه متروك الحديث أو منكر الحديث).
وورد أيضاً عن عثمان بن أبي سودة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم «صلاة الأبرار (صلاة الأوابين) ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت«(أخرجه ابن المبارك في الزهد) قال عنه الألباني ضعيف.
وتذكر الموسوعة الفقهية ج٢٧ ص ١٣٤-١٣٥ ما يلي:
«ويؤخذ مما جاء عن صلاة الضحى والصلاة بين المغرب والعشاء أن صلاة الأوابين تطلق على صلاة الضحى والصلاة ما بين المغرب والعشاء فهي مشتركة بينهما كما يقول الشافعية، وانفردت الشافعية بتسمية التطوع بين المغرب والعشاء بصلاة الأوابين وقالوا: تسن صلاة الأوابين وتسمى صلاة الغفلة لغفلة الناس عنها وانشغالهم بغيرها من عشاء ونوم وغيرهما.»