خدم النبي عشر سنين ولقب براوية الاسلام لكثرة ما روى من أحاديث من هو ؟

 

أنس بن مالك هو أكثرُ الأنصارِ روايةً عن رسولِ اللهِ ﷺ، وكان مِنْ سعادتِه أَنْ خَدَمَ الرَّسولَ ﷺ عشرَ سنين كاملةً، أي كلَّ العهدِ المدنيِّ في السِّيرةِ، ومع كونِه في العاشرةِ فقط مِنَ العمرِ يومَ بدأ خدمتَه للرَّسولِ ﷺ فإنَّه -لدقَّةِ فهمِه، وحدَّةِ ذكائه- استوعب سُنَّةَ الرسولِ ﷺ بشكلٍ مذهلٍ، حتى صار مِنْ أوثقِ ناقليها. يُضاف إلى أهمِّيَّتِه رضي الله عنه أنَّه صَاحَبَ رسولَ اللهِ ﷺ في الحَضَرِ والسَّفَرِ، حتى شَهِدَ معه بدرًا وأُحُدًا، للخدمةِ لا للقتالِ، مع أنَّه كان لا يتجاوز الثَّالثة عشرة مِنَ العمرِ. وكان لقربِه مِنَ الرَّسولِ ﷺ، يحفظ تمامًا ما يفعله، ويُقَلِّده تمامَ التَّقليدِ، ولهذا يقول أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ».
وُلد أنس بن مالك رضي الله عنه قبل الهجرة النبوية بعشرة أعوام، وبعد الهجرة عمل في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في العاشرة من عمره، وظل معه لمدة عشرة أعوام، حتى توفي صلى الله عليه وسلم.
هو الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي النجاري من بني عدي بن النجار، أمه أم سليم بنت ملحان، كانت زوجة لمالك بن النضر، فلما جاء الإسلام أسلمت مع قومها، وعرضت الإسلام على زوجها، فغضب عليها، وخرج إلى الشام، ولما بلغ أنس العاشرة من عمره أتت به أمه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ليخدمه ويتربى على يديه، فقالت له: هذا أنس غلام يخدمك، فقَبِله، وطلبت من النبي أن يدعوَ له، فدعا له بالبركة في المال والولد.
تربى أنس بن مالك في بيت رسول الله، وحظي برعاية وعناية كريمة، فنشأ على الأدب النبوي، وشب على أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وتعلم سنته وسيرته، وروى عنه أحاديث كثيرة تجاوزت ألفي حديث حتى لقب بـ «راوية الإسلام».
في بداية ملازمته وخدمته للنبي، أوصاه صلى الله عليه وسلم بأن يكون أمينا على السر كاتماً له، والتزم أنس بالوصية، فلم يفش سراً لرسول الله طوال السنوات العشر التي قضاها في بيته، وكان النبي يحسن معاملته، ويعامله بلطف وإحسان وأبوة، يقول أنس: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فَمَا قَالَ لِي: أفٍ، ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت، ولا عاب علي شيئاً قط، وأنا غلام، وليس أمري كما يشتهي صاحبي أن أكون عليه، وفي رواية أخرى يقول: «خدمت النبي عشر سنين، فما ضربني ولا سبني ولا عبس في وجهي»، وقال أيضاً: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، ولا مسست خزاً قط ولا حريراً ولا شيئاً كان ألين من كفِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً قط ولا عطراً كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم».
كما قال أنس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به، فخرجت أمرُ على صبيان، وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أنيس ذهبت حيث أمرتك؟ قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله».
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: «أتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟، قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟، قلت: إنها سر، قالت: لا تخبر بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، قال أنس: والله لو حدثت به أحداً لحدثتك به.
شهد أنس مع النبي جميع المشاهد والغزوات، حيث شهد صلح الحديبية، وفتح مكة، وحنين والطائف وخيبر.
توفي أنس بن مالك بالبصرة سنة 91 هجرية، وقد تحققت دعوة النبي له فكثُر ماله وولده، وكان له شجر ينبت في العام مرتين ببركة دعاء النبي.




close