السؤال: انا شاب من منطقة ريفيه يدرس في جامعة في المدينة ولطول الطريق كنت احتاج لشخص يساعد في نقل المحاضرات عن طريق الواتس اب فتعرفت على مندوبة طلاب الدفعة فساعدتني استمرالحال لمده سنه ولم اكن اعلم انها متزوجة او انها في بيت والدها لا تريد العوده لزوجها دخلت تحادثني عن زوجها ومعاملته السئيه جداً لها حاولت ان اعطي حلول وان ارجعها لزوجها لكنها مقتنعة من عدم الرجوع له بسبب طبيعته الهمجيه وتعامله السيئ ولا تطيقه ترغب في الطلاق من زوجها لكنه يرفض طلاقها. يوم بعد يوم بدات تحبني واحبها اريدان اتزوجها ما الحل؟
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإقامة علاقة مع امرأة متزوجة، أو وعدها بالزواج إذا طُلِّقَتْ، من الإفسادٌ في الأرض، وتخبيبُ للمرأة وإفسادُ لها على زوجها، وهو مِن أعظم المعاصي وأقبحها، بل هو مِن فعل السحرة وأفعال الشياطين؛ كما قال سبحانه عنهم: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102]، ومَن فعل هذا فقد أتى بابًا عظيمًا مِن أبواب الكبائر؛ فالشارع الحكيم أمر بكل ما من شأنه حفظ قلب المرأة المتزوجة، فنهى عِن التعرُّض لها بالزواج، أو ملامسة مشاعرها حتى لا تتعلق بغير زوجها؛ وجعل ذلك مِن أعظم الإفساد في الأرض، حتى قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منَّا مَن خبَّبَ امرأةً على زوجها، أو عبدًا على سيده”؛ رواه أبو داود عن أبي هريرة.
وكل هذا لحفِظ الأسرة، وضبَط أمورها، وحمايتها من التهديم والتدمير.
واتفق العلماءُ على حُرمة التعرُّض للمرأة المتزوجة بالتلميح بالزواج.
وقال النووي: في الأذكار (ص: 368): “يَحْرُم على المكلَّف أن يُحدِّثَ عبد الإنسان، أو زوجته، أو ابنه، أو غلامه، ونحوهم بما يُفسدهم به عليه إذا لم يكنْ ما يُحدِّثهم به أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وقال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]”.
وقد نصّ المالكيةُ بتأبيد تحريم المرأة المخببة على مَن أفسدها على زوجها معاملةً له بنقيض قصده، ولئلَّا يتَّخذ الناسُ ذلك ذريعةً إلى إفساد الزوجات.
وقال ابن القيِّم رحمه الله في “الداء والدواء” (1/ 502): “وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطبَ الرجل على خطبة أخيه، أو يَستامَ على سَوْمِ أخيه، فكيف بمَن يَسعى في التفريقِ بينه وبين امرأته وأمَتِه حتى يتصل بهما؟ وعشاقُ الصور ومساعدوهم مِن الدِّيَثة لا يرون ذلك ذنبًا، ولا يَسقُط حقُّ الغير بالتوبة من الفاحشة، فإنَّ التوبةَ وإن أسقطتْ حق الله فحقُّ العبد باقٍ وله المطالبة به يوم القيامة، فإنَّ ظُلْمَ الوالد بإفساد فلذة كبده، ومَن هو أعز عليه مِن نفسه، وظلم الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظم مِن ظلمه بأخذ ماله كله، ولهذا يُؤذيه ذلك أعظم مما يُؤذيه أخْذُ ماله، ولا يَعدِل ذلك عنده إلا سفك دمه، فيا له مِن ظلم أعظم إثمًا مِن فعلِ الفاحشة!”. اهـ. مختصرًا.
إذا تقرر هذا، فيجب عليك المسارعة إلى التوبة، وابتعد عن تلك المرأة، واقطع أيِّ وسيلة اتصال معها، واقصر عن سبُل الغواية، ولتَحرص على تحصيل أسباب الهداية والاستقامة، بالإكثار من الاستغفار والعمل الصالح؛ قال تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 39].
وفي الحلالِ كفايةٌ عما حرَّمه الله، وإن كنتَ ابتُليت بحبها فاتقِ اللهَ تعالى واصبرْ واصرفْ قلبَك عنها، ولا تنشَغِلْ بها فتقع في تضييع حدود الله وواجباته، وتدبَّرْ قولَه تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [البقرة: 32]،، والله أعلم.
– طريق الإسلام