من أول صحابي مُظَاهِرًا في الإسلام

 

“المظاهر” هو من قال لزوجته‏‏ أنت مثل أمي وأنت محرمة عليَّ، مع العلم أنه كان لا يقصد تحريمها بل تخويفها، فإنه يكون بذلك مظاهرًا، وقد بيّن الله سبحانه حكمه في قوله‏‏: ‏(‏وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) ‏[‏المجادلة‏‏ : 3-4‏]‏‏‏، فيجب عليه أن يكفر كفارة الظهار قبل أن يمس زوجته‏‏ إما بعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين أو ‏‏إطعام ستين مسكينًا.
وأول مظاهر في الإسلام هو الصحابي الجليل أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن الخزرج الأنصاري.
فجاء في سنن أبي داود: “روى محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الحميد بن عِمْران بن أبي أنس عن أبيه قال: كان أوّل مَن ظَاهَرَ في الإسلام أوس بن الصامت، وكان به لَمَمٌ، وكان يُفيق أحيانًا، فَلَاحَى امرأتَه خولة بنت ثعلبة في بعض صَحَواتِه.
فقال: أنتِ عليّ كظهر أُمّي، ثمّ ندم فقال: ما أراكِ إلا قد حَرُمْتِ عليّ.
قالت: ما ذكرتَ طلاقًا.
فأتَتْ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبرته بما قال وجادلت رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم مرارًا، ثمّ قالت: اللّهمّ إنّي أشكو إليك شدّة وَحْدتي، وما يشقّ عليّ من فراقِه.
قالت عائشة: فلقد بكيتُ وبكى من كان في البيت رحمةً لها ورِقّةً عليها، ونزل على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الوحي فسُرّي عنه وهو يتبسّم فقال: “يا خولة قد أنزل الله فيك وفيه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}” [سورة المجادلة: 1].
ثمّ قال: “مُريه أن يُعْتقَ رَقَبَةً”.
قالت: لا يجد.
قال: “فمُريه أن يصومَ شهرين متتابعَين”.
قالت: لا يطيق ذلك.
قال: “فمُريه فليُطْعم ستّين مسكينًا”.
قالت: وأنّى له؟
قال: “فمُريه فَلْيَأتِ أمّ المنذر بنت قيس؛ فليأخذ منها شَطْرَ وسق تمر، فليتصَدّقْ به على ستّين مسكينًا”.
فرجعت إلى أوس فقال: ما وراءك؟.
قالت: خيرٌ وأنت ذميم، ثمّ أخبرته فأتى أمّ المنذر فأخذ ذلك منها، فجعل يُطْعِمُ مُدّين من تمر كلّ ‏مسكين”.




close