لماذا نهى النبي عن النذر

الحديث

نَهَى عنِ النَّذْرِ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 6910 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
شرح الحديث :
حرَصَ الإسلامُ على أنْ تكونَ الطاعاتُ خالِصَةً للقُربَةِ والعِبادَةِ، وليست كالعِوَضِ على أمْرٍ ومصلحةٍ، بحيثُ لو لم تحصُلْ هذه المصلحةُ لا تُؤدَّى هذه الطاعَةُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه: “نَهى عن النَّذرِ”، والنَّذرُ عهدٌ يَقطَعُه الإنْسانُ على نَفْسِه، ويَلتزِمُه، وسببُ النَّهيِ أنَّ النَّذرَ لا يُغيِّرُ مما قُدِّرَ شيئًا، إنَّ النَّذرَ يَجعَلُ العِبادَةَ ثَقيلَةً على صاحِبِها، وقد قال في رواية مسلم: “إنَّه لا يأتي بخيرٍ”، أي: لا يكونُ سببًا في تَقديرِ الخيرِ؛ لأنَّ الأُمورَ كُلَّها مُقدَّرةٌ عندَ اللهِ، كما أنَّ المقدورَ لا يتغيَّرُ من شَرٍّ إلى خيرٍ بسَبَبِ النَّذرِ، “وإنَّما يُستخرَجُ به من البَخيلِ”، إنَّه أشبَهُ بإلزامِ البَخيلِ بإخراجِ شَيءٍ لم يكُنْ يُريدُ أنْ يُخرِجَه من تِلْقاءِ نَفْسِه، فالمعنى: أطيعوا اللهَ ابتداءً وطَواعِيَةً، ولا تطْلُبوا للطاعَةِ مُقابلًا، فعادةُ الناسِ تعليقُ النُّذورِ على حُصولِ المَنافِعِ، ودفْعِ المَضارِّ؛ فنَهى عنه، فإنَّ ذلك فِعلُ البُخلاءِ؛ إذِ السَّخيُّ إذا أرادَ أنْ يتقرَّبَ إلى اللهِ تَعالى استعجَلَ فيه وأتى به في الحالِ، والبَخيلُ لا تُطاوِعُه نَفْسُه بإخْراجِ شَيءٍ من يَدِه إلَّا في مُقابَلَةِ عِوَضٍ يُستوْفى أولًا، والمرادُ بالنَّهيِ هنا: هو التأكيدُ لأمْرِه وتحذيرُ التَّهاوُنِ به بعدَ إيجابِه، وأيضا الحضَّ على التَّقليلِ منه لا الزَّجرُ عنه؛ لأنَّ الإنَسانَ قد يقَعُ في حَرَجِ عَدَمِ الوفاءِ به، وقد مَدَحَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه الوافيَ بنَذْرِه كما في قولِه تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]( ).




close