سبب نزول قوله تعالى وما مسنا من لغوب

 

ذكر العلماء في أسباب نزول سورة ق سببًا لنزول آية فيها، وهي قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}.
فقالوا إنّ سبب نزولها هو أنّ اليهود قد قالوا إنّ الله -تعالى- قد خلق السماوات والأرض في ستة أيّام، وفي اليوم السابع ارتاح لأنّه قد تعب، تعالى الله عمّا يقولون علوًّا كبيرًا.
فقد أورد ابن جرير الطبريّ من حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- أنّ اليهود جاؤوا إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وسألوه عن خلق السماوات والأرض، فأخبرهم، وعندما انتهى قالوا: “ثمَّ ماذا يا محمَّدُ؟ قال: ثمَّ استوَى على العرشِ، قالوا: قد أصبتَ لو أتممتَ، قالوا: ثمَّ استراح، فغضِب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غضبًا شديدًا، فنزل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}”.
غير أنّ ابن عاشور يرى أنّ هذه الآية قد نزلت بمكّة، وليس شرطًا أن يُنتظر اليهود ليقولوا كلامهم هذا ليردّ الله -تعالى- عليهم، بل هو قد أخبر نبيّه عن اعتقاداتهم قبل أن ينطقوا بها
فبذلك تكون السورة بتمامها مكيّة ولا عبرة بكلام من قال إنّ هذه مدنيّة لأنّها نزلت في اليهود، ومثيلها قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}، فقد نزلت هذه الآية في مكّة ولم يكن في مكة يهود كما في المدينة.




close