من هو الصحابي الذي قال الله فيه "فإن حزب الله هم الغالبون"؟

 

كان الصحابة الكرام يبيعون الدنيا بالآخرة، ويقدمون ولائهم لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم على أي شئ أخر، بل كان ولائهم الأول والأخير لله ولرسوله وللؤمنين.
ومن هؤلاء الصحابة العظام صحابي جليل من أوائل من أسلم من الأنصار، وكانت عشيرته في المدينة مرتبطة بحلف مع يهود بني قيقاع، وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، بدأ اليهود يكيدون له ويناصبونه العداء ويؤذون المسلمين، فما كان من هذا الصحابي إلا أن أنهى وأبطل حلفه مع اليهود والوقوف إلى جانب النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
إنه الصحابي عبادة بن الصامت .. الذي أنزل الله سبحانه وتعالى آيات تتلى تمتدح موقفه وتحييه عليه، فقال تعالى: {ومن يَتَولّ اللّهَ ورَسُوله والذين آمنوا فإنّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الغَالِبُون}.
كان عبادة بن الصامت واحدًا من اثني عشر نقيبًا من أوائل من أسلموا من الأنصار، وقد بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيعتي العقبة الأولى والثانية، وأخلص لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان ممن جمع القرآن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يُعلّم أهل الصّفّة القرآن الكريم، وفي عهد سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه كان أحد الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم في المصحف الشريف، ولمّا فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم بالدين، وأقام عبادة بن الصامت بحمص وأبو الدرداء بدمشق ومعاذ بفلسطين، ولما مات معاذ عام طاعون عمواس صار عبادة إلى فلسطين، وكان عبادة أول من ولي قضاء فلسطين.
وكان الصحابي عبادة بن الصامت مجاهدًا له بطولات عديدة حيث شهد المغازي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بدر وما تلاها، وكذلك بعد انتقال النبي مه الخلفاء الراشدين فشارك في فتح مصر وقبرص.
ولمّا حضرت عبادة بن الصامت رضي الله عنه-الوفاة قال لأهله: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار، ثم قال: اجمعوا لي مَوَاليَّ وخدمي وجيراني، ومن كان يدخل عليّ فجُمِعوا له، فقال: إنّ يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي عليّ من الدنيا، وأول ليلة من الآخرة، وإني لا أدري لعلّه قد فرط منّي إليكم بيدي أو بلساني شيء ، وهو -والذي نفس عبادة بيده- القِصاص يوم القيامة، وإحرِّج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتصّ مني قبل أن تخرج نفسي فقالوا سيرة الصحابي عبادة الصامت الله بل كنت مؤدباً. قال: “اللهم فاشهد”.
ثم قال: “أمّا لا، فاحفظوا وصيّتي: أُحَرِّج على إنسانٍ منكم يبكي عليَّ، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا وأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كلّ إنسان منكم المسجد فيصلي ثم يستغفر (لعُبَادة) ولنفسه؛ فإن الله تبارك وتعالى قال: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}.. [البقرة: 45]. ثم أسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تُتبِعُني نار، ولا تضعوا تحتي أرجوانًا”.
وفاضت روح الصحابي الجليل عبادة بن الصامت إلى بارئها في عام 34 هجريا في بيت المقدس في خلافة سيجنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، ودفن في مقبرة الرحمة بجوار سور الحرم الشرقي بمدينة الرملة بفلسطين.




close