لكل سورة من سور القرآن الكريم فضائل وخصائص عظيمة، بل وفي أحيان أسماء عدة بحسب أسباب نزولها أو الأحكام التي تتعلق بها، فقد تمسى السورة الواحدة بعدة أسماء مختلفة.
وحديثنا اليوم عن سورة سميت بسورة “التوديع” وذلك لأنها تعتبر آخر سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى، حيث نزلت عليه في “منى” في حجة الوداع، وقد عاش بعدها النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ثمانينَ يوماً فقط؛ ولذلك فإنها تُسمّى سورة التوديع.
إنها سورة “النصر” أو سورة “الفتح” كما اشتهر عنها، يقول الله تعالى فيها: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}.
وقد ذكر تسميتها بسورة “التوديع” الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وذكرها عدد من العلماء والمفسرين من بينهم: الإمام السخاوي، والإمام السيوطي، ومن المفسرين الإمام الماوردي، والإمام القرطبي، والإمام الرازي، والإمام الشوكاني وغيرهم.
وعندما نزلت هذه السورة فهم منها الصحابي الجليل ترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عبّاس -رضيَ الله عنهما- فقالَ في تأويلها إنّها دلالة على اقتراب ودنوّ أجل رسول الله -صلّى الله عليهِ وآله وسلّم-، ولهذا شاهد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام البيهقي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته السيدة فاطمة الزهراء وقال: “إنه قد نُعيت إلي نفسي” فبكت ثم ضحكت، وقالت: أخبرني أنّه نُعِيَت إليه نفسه فبكيت، ثم قال: “اصبري فإنك أول أهلي لحاقاً بي” فضحِكت.