الحديث
ألا أُنبِّئُكم بليلةٍ أفضلَ من ليلةِ القدرِ ؟ حارسُ حرسٍ في أرضِ خوفٍ ، لعله أن لا يرجعَ إلى أهلِه .
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 1232 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
شرح الحديث :
تَفضَّلَ اللهُ على عِبادِه بأعمالٍ وقُرُباتٍ لزيادةِ الأجرِ واغتِنامِ الثَّوابِ منه سُبحانَه؛ ليَتحرَّى المُؤمِنونَ أعمالًا مُتنوِّعةً، فمَن فاتَه شَيءٌ أدرَكَ غيرَه، ومِن ذلك الرِّباطُ في سَبيلِ اللهِ، والمُحافظَةُ على بِلادِ الإسلامِ؛ فهو من أعظَمِ الأعمالِ التي يَستمِرُّ ثوابُها.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
“ألَا أُنبِّئُكم بليلةٍ أفضَلِ مِن ليلَةِ القَدْرِ؟”، أي: في الأجرِ والثَّوابِ:
“حارِسٌ حَرَسَ في أرضِ خوفٍ” وهو ما يُعرَفُ بالرِّباطِ، وهو الَّذي يُلازِمُ ثُغورَ بلادِ المُسلِمينَ مع بلادِ الكُفَّارِ لحِراسَتِها، وهذا مِن أعظَمِ الأعمالِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ،
ومعنى أنَّها أرضُ خوفٍ: أنَّ الحارِسَ في سَبيلِ اللهِ يكونُ في أرضٍ فيها خَوفٌ على الحَياةِ بسَبَبِ عَدُوٍّ، أو أنَّها أرضُ ثُغورٍ، يكونُ فيها حارِسًا للمُجاهِدينَ يحفَظُهم عن الكُفَّارِ، أو غيرِ ذلك مما يُخافُ منه،
“لعلَّه أنْ لا يَرجِعَ إلى أهْلِه”؛ فالحارِسُ في حِراستِه هذه لا يَضمَنُ أنْ ينجُوَ بحَياتِه، ويَرجِعَ إلى أهْلِه مرَّةً أخرى؛ وذلِك أنَّه قد يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهذه مَرتَبةُ المُجاهِدينَ في العِبادَةِ، وهي تَشمَلُ الحجَّ، وطلَبَ العِلمِ، والجِهادَ في سَبيلِ اللهِ بالحَربِ، وغيرَ ذلك مِن العِباداتِ والمُجاهَداتِ للنَّفْسِ.
ولعلَّ تَفضيلَ ليلةِ الحِراسةِ على لَيلةِ القَدْرِ؛ لأنَّ ليلةَ القَدْرِ يعودُ نفْعُها على صاحبِها، وليلةَ الحراسةِ يعودُ نفْعُها مُتعَدٍّ إلى سائرِ المُسلِمينَ، وهذا أفضلُ، ولأنَّ ليلةَ الحراسةِ تُوجِبُ الجَنَّةَ، كما في رِوايةِ أبي داودَ، وفيها قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأنسِ بنِ أبي مَرْثَدٍ الغَنَويِّ بعدَ أنْ باتَ حارسًا لهم: “قدْ أَوجبتَ؛ فلا عليك أنْ لا تَعمَلَ بعدَها”، أي: عمِلتَ عملًا يُوجِبُ لك الجَنَّةَ .